بحث مخصص

حملة ترشيح اباظة رئيسا للوفد. بقلم سليمان جوده

أكثر من «نيشان» لمحمود أباظة

بقلم سليمان جودة ٣٠/ ٥/ ٢٠١٠
إذا كان الدكتور السيد البدوى قد فاز برئاسة الوفد، أمام محمود أباظة، فإن حصيلة المعركة بينهما سوف تظل ممتلئة بالانتصارات، على أكثر من مستوى!

أولاً أن ما حدث قد أدى بالضرورة إلى تنقية ثوب الوفد، كحزب عريق، من آثار معركة الدم التى كانت قد دارت ذات يوم، بين الدكتور نعمان جمعة وأنصاره من ناحية، ومحمود أباظة وفريق الإصلاح معه من ناحية أخرى!

ثانياً أن المعركة قد جاءت بالدكتور البدوى رئيساً للوفد، وهو رجل جاد، وواعد، ومحترم، كما أنه يحمل فى يده حقيبة متخمة بالوعود، ومحاطة بالأمل، وسوف يكون عليه أن يغير من واقع الوفد، لأنه طوال المعركة، لم يكن فقط يدافع عما جرى فى الحزب من إصلاحات وإضافات على مدى السنوات الماضية، ولكنه كان فى الوقت ذاته يعد بما سوف يكون على يديه فى المستقبل، وبالتالى فإن الوفد لم يخسر أباظة بقدر ما كسب البدوى!

ثالثاً أن ما حدث يضع نيشاناً على صدر محمود أباظة، لا لشىء، إلا لأنه هو الذى رعى المعركة منذ البداية، وهو الذى أدارها داخل الحزب ومقاره، بما أدى فى النهاية إلى أن يفوز المنافس الأقوى له، لا أن يفوز هو، وليس لهذا كله معنى إلا أن الإصلاحات التى كان أباظة قد أجراها على لائحة الوفد، حين جاء رئيساً على قمته، قد أثمرت، وقد كانت لها حصيلة من هذا الطراز الرفيع!

إننا جميعاً نذكر، أن مصر فى عام ١٩٢٤ كان فيها رئيس وزراء شهير، اسمه يحيى باشا إبراهيم، وهو رجل دخل التاريخ من أوسع أبوابه، ولايزال متربعاً على عرشه هناك، وسوف يظل، لسبب بسيط، هو أنه كان قد أجرى الانتخابات البرلمانية، فى ذلك العام، وكان وقتها رئيساً للحكومة، فإذا به يخسر، وإذا بالمنافس أمامه يكسب، وكان أفندياً صغيراً، فى إحدى دوائر الشرقية!

كان يحيى باشا إبراهيم رئيساً للحكومة، وكان واحداً من الباشوات الكبار، وكان رجلاً قوياً، ورغم ذلك فإنه حين خاض الانتخابات أمام أفندى فى الدائرة، لم يسمح لأجهزة الدولة، وكانت كلها تحت يديه، بأن تغير فى النتيجة، بحيث يفوز، لأنه رئيس وزراء، ويخسر المنافس، لأنه مجرد أفندى.. لقد حدث العكس، ولانزال ننحنى احتراماً، وإجلالاً، وتوقيراً، كلما جاءت سيرة ذلك الباشا العظيم.. ولو كان قد فاز لكان قد دخل البرلمان، وخر
محمود أباظة، أحيا فى ٢٠١٠ ما كان قد جرى عام ١٩٢٤، واستطاع، بأدبه، أن يرغم الجميع على التزام الأدب، وكانت كل الرسائل التى تأتى على المحمول، من بعض شباب جبهة البدوى، تلتزم حدود الذوق، وتخلو من أى تجريح، لأنها كانت تعرف أن هذه ليست مدرسة محمود أباظة فى الحوار!

ولابد أن النيشان، الذى يجب أن يحصل عليه أباظة، لن يكون من الوفد، وحده، ولا من الوفديين وحدهم، ولكنه نيشان من مصر كلها، ومن الحزب الحاكم، والأحزاب المعارضة، لأن هذا المستوى من الحوار والمنافسة، والكلام، والتفكير، والممارسة، سوف ينتقل عن طريق العدوى، من الوفد إلى سائر أنحاء البلد.. وتلك هى حيثيات النيشان، وحدود الانتصارات